"أمي هل سيكذب القمر؟!"
أقول ذلك و أنا أعلق عيني بالقمر من خلف النافذة الصدئة.. و عليه تزحف أشتات سحب لتخفيه لبضع لحظات ..ثم يخرج مستديرا كما كان..
- ابتعدي عن النافذة فقد تصابين بالبرد..
أظل في مكاني جالسة على مقعد طويل محملقة في قمر ذي لون رمادي لطيف..
- أمي هل سيخلف القمر وعده؟!
-ريم اتركيني أكمل عملي .. و اذهبي لتكتبي درسك؟ و إلا ستضربك المعلمة..
- لقد أنهيت دروسي .. و لم يبق غير وعد القمر؟!
تقول أمي باستخفاف "وعد القمر"
أستند على حافة النافذة.. و أقول بعد نفاد صبر "يبدو أن حنين تكذب علي..!!"
سأريك يا حنين ماذا سأفعله بك غدا..و سأدعو جنى لتعينني على ذلك ..
"هيا يا قمر ..أين ما وعدتني به!!"
-أمي ..
- نعم .. ماذا تريدين؟
- أتعلمين أن حنين تتباهى بشعرها الطويل و قد ظفرته أمها إلى ظفريتين جميلتين.. أريد أن أكون مثلها ..
- حسنا يا ريم .. سأسرح لك شعرك لتكوني أجمل من حنين!
لا يا أمي لست أريد أن أكون أجمل منها بل أكون أنا وهي سواء و كذلك صديقتنا سمية ..صحيح أن سمية شديدة الهدوء .. و دائما تحمل دفترا ورديا لتدون فيه بعض أبيات ..تقول إنها شاعرة.. و حنين رسامة.. و أنا كاتبة صحيح أنهما تضحكان على ما أكتبه ..لكني سأغدو يوما كاتبة.. فقد قالت لي جنى ذلك ..
- أمي هل سأفترق عنهن ؟
-مادمت تحبينهن و يحببنك فلن تفترقنّ بإذن الله..
أعود من جديد لأحدق في القمر .. لكن حنين كذبت عليّ.. قالت إنها البارحة حينما جلست على سريرها و تشبثت بالغطاء..و قالت " واحد .. اثنان .. ثلاثة .. " طار بها السرير للأعلى و خرج من النافذة و حلق في السماء .. و طافت بالنجوم نجمة نجمة و اتجهت نحو القمر الفضي حينها ابتسم لها و قال لها إنه سيرسل لي ابتسامة وردية .. و قال لها فلتنتظرني ريم كل مساء لترى الابتسامة..
لكن القمر لم يبتسم .. فهل سيكذب القمر .. أم أنه يود أن يغيب في كتل السحب.. ليختبئ في قصره ..
أنهض من مكاني أجر الكرسي ورائي.. أجلس على مائدة الطعام .. إلى جوار والدي ..
أتناول عشائي بسرعة .. أشعر بأن القمر لن يغيب قبل أن يبتسم لي و قد يرسل حرسه ليحملوني إليه ..
- تمهلي يا ريم ..
- حسنا والدي ..
أنظر لصحن الأرز أمامي .. أتخيل القمر يوشك على الرحيل مع حراسه .. و الحاشية تزحف خلفه ..و الشعراء ينسجون فيه القصيد .. و الكتاب يحيكون له قصة جميلة مثله"
أهرع للنافذة أفتحها أبصر القمر يسير كالملك بتؤدة ..ألوح له بكفي " وداعا أيها القمر "..
--------------------------------------------------------------------------------
رؤى حالمة..