على الرغم من أن «أم الخير» لم تتجاوز الثامنة من العمر، فقط، إلا أنها تعتبر أصغر مطلقة في موريتانيا، بعد أن تم تزويجها قسراً، «سيدتي» زارتها في منزل أهلها، وعندما وصلنا وجدناها تلعب مع صديقاتها الصغيرات في كوخ بسيط، تقيم فيه هي ووالدها وقريبتها.
«أم الخير منت سيدي محمد»، الطفلة التي لم تتجاوز الثامنة من العمر، تعرضت للتزويج القسري، بعد تعرضها لحادثة اغتصاب، قبل أن يتم تطليقها بالثلاث، ما تسبب لها في حالة ذهول، نظراً لما توالى عليها من أحداث شكلت منعطفاً في حياتها.
«والد أم الخير» سيدي محمد ولد التيجاني، 42 عاماً، تاجر متجول، يروي قصة ابنته قائلاً: في العام الفائت توفيت والدة ابنتي، وحينها قررت نقلها من الولايات الشرقية إلى أختي في العاصمة نواكشوط، لتشرف على تعليمها وتربيتها. لكن شقيقتي «ميمونة» كانت لها وجهة نظر أخرى، حيث سافرت بالفتاة إلى إحدى الدول العربية، وقامت بتزويجها لابنها زواجاً قسرياً، ودون علمي، كما قامت بإهانتها قبل أن يطلقها ابنها، بالثلاث، ويحملها إليّ منهكة شاردة، تعاني من تجربة غير مناسبة في مثل سنها.
ضرب وإهانة
وتقول الطفلة «أم الخير» إنها رفضت الزواج، لكنها أجبرت عليه في غياب والدها، وأن زوجها اعتدى عليها بالضرب أكثر من مرة، وحوّل حياتها إلى جحيم.
وحسب المعلومات المتوفرة لدى «رابطة ربات الأسر الموريتانيات»، فقد عاد العريس مع عروسه الصغيرة، التي ما زالت بعد تلعب مع الأطفال، وتحب الحلوى، وتتعامل بشقاء مع كل شيء، ولم يتم الاتصال بوالدها لإخباره، ولم تعلم الطفلة أيضاً أن والدها في العاصمة التي قدمت إليها، وظنت أنه لايزال يتجول في الداخل يبيع ويشتري كعادته.
وبعدها بفترة قصيرة، قام زوج ابنته بتطليقها، مؤكداً أن معاملة أهلها سيئة.. لتنتهي قصة الطفلة، وتبدأ معاناتها، التي لا تزال آثارها النفسية الشغل الشاغل لوالدها الفقير، الذي لجأ إلى «سيدتي» لطرح مأساته على العالم.
متزوجات دون سن 15
كشف تقرير صدر في سبتمبر الماضي أن 15% من الفتيات الموريتانيات، دون سن الـ 15 عاماً، متزوجات. وكشف التقرير الذي نشرته «وورلد فيزيون»، وهي أكبر منظمة غير حكومية بالعالم، أن أسباب الزواج المبكر تعود إلى رغبة الفتيات المراهقات في مساعدة عائلاتهن مادياً، أو إلى تعرضهن للاغتصاب ومخاطر الحمل، وترتفع نسبة الأمومة والإنجاب لدى الفتيات اللاتي تتجاوز أعمارهن 20 سنة، وهن غالباً متسربات من المدارس.
ويؤكد التقرير أنه لمحاربة هذه الظاهرة يجب أن يفعل تعليمهن، لكي يستطعن مواجهة تطور الحياة، ويستطعن الوصول بسلام لسن الرشد، والمساهمة في الحياة العائلية والاجتماعية. ويأسف التقرير أن هذه الزيجات لها ارتباطات بالعنف الأسري والتهميش «الجحيم المنزلي والتهميش الاجتماعي، اللذين يسودان اليوم في موريتانيا، ويعرقلان سعي الفتيات لكي يخلقن هوية خاصة بهن، وتحد من ولوجهن إلى الخدمات والبرامج التي يمكن أن يستفدن منها.